ثم انتقل الشيخ إلى الموضوع الآخر وهو: ولاية المجنون فقال: وكذلك المجانين والأطفال. فهناك من يدعي أن المجنون ولي، وهذا كثير جداً، وأكثر ما جاء الضلال عند الصوفية هو من دعواهم: أن المجانين أو المجاذيب أولياء، وأن جنونهم بسبب ذكرهم، وأن حالهم يشبه حال الذاكرين إذا أقاموا حضرة وسماعاً تغنوا وطربوا، ثم صرع من صرع منهم؛ فصار مجنوناً يهذي، ويتكلم، ويتحرك، ويتكشف، ويتعرى كالمجنون، فيظنون أن الجنون درجة عليا من درجات الولاية، بل ربما فضل من يفعل ذلك ويقع له هذا الحال على الصحابة والتابعين، لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصاب بمثل هذا الحالة إذا ذكر الله عز وجل، ولم يكن الصحابة يضربون حتى يصرعوا، وتظهر منهم حركات غير إرادية، ويتكشفون، وهم أعظم الناس إيماناً وذكراً، فضلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهؤلاء يخيل إليهم أن هؤلاء أفضل درجة من أولئك؛ لأن هؤلاء بلغ بهم الإيمان والتأثر بالذكر إلى أنهم يفقدون الوعي، فكأن هذا الذي فقد وعيه قد ارتقى إلى درجة أعلى من ذلك الذي لم يفقد وعيه.